سورة النحل - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النحل)


        


أما المسلمون فإذا وردوا عليهم، وسألوهم عن أحوال محمد- صلى الله عليه وسلم- وعما أَنزل اللَّهُ عليه، قالوا: دينه حقٌّ، واللَّهُ أَنزل عليه الحقَّ.. والذين أحسنوا في الدنيا يجِدُون الخير في الآخرة.
ويقال في هذه الدنيا حسنة، وهي ما لهم من حلاوة الطاعة بصفاء الوقت ويصحُّ أن تكونَ تلك الحسنةُ زيادةَ التوفيق لهم في الأعمال، وزيادةَ التوفيقِ لهم في الأحوال.
ويصح أن يقال تلك الحسنة أَنْ يُوَفِّقَهم بالاستقامة على ما هم عليه من الإحسان.
ويصح أن يقال تلك الحسنة أن يُبَلِّغهم منازلَ الأكابر والسادة.
قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا} [السجدة: 24].
ويصح أن تكون تلك الحسنة ما يتعدَّى منهم إلى غيرهم من بركات إرشادهم للمريدين، وما يجري على من اتبعهم مما أخذوه وتعلموه منهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لأن يهتدي بهداك رجل خير لك من حمر النعم».
ثم قال: {وَلَدَارُ الآخِرَةِ خيْرٌ}، لأن ما فيها يبقى، وليس فيها خطر الزوال. ولأن في الدنيا مشاهدة وفي الآخرة معاينة.


كما أن الإرادات والهمَمَ تختلف في الدنيا فكذلك في الآخرة، وفي الخبر: «مَنْ كان بحالةٍ لَقِيَ الله بها» فَمِنْ مريدٍ يكتفي من الجنة بورودها، ومن مريدٍ لا يكتفي من الجنة دون شهود ربِّ الجنة.
ويقال إذا شاءوا أن يعودوا إلى ما فاتهم من قصورهم، وما وجدوا في ذلك من صحبة اللَّعينِ في سائر أحوالهم وأمورهم يسلم لهم ذلك، ومن شاء أن تدومَ رؤيتُه، ويتأبَّدَ سماعُ خطابه فلهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد، وهو ما لم يخطر ببال أحد.


يقبض أرواحَهم طيبً. أويقال: {طَيِّبِينَ} حال.
والأسباب التي تطيب بها قلوبُهم وأرواحُهم مختلفة، فمنهم مَنْ طاب وقتُه لأنه قد غُفِرَتْ ذنوبُه، وسُتِرتْ عيوبه، ومنهم مَنْ طاب قلبُه لأنه سَلَّمَ عليه محبوبُه، ومنهم من طاب قلبه لأنه لم يَفُتْه مطلوبه.
ومنهم من طاب وقته لأنه يعود إلى ثوابه، ويصل إلى حُسْنِ مآبه.
ومنهم من يطيب قلبه لأنه أَمِنَ من زوال حالِه، وحظي بسلامة مآله، ومنهم من يطيب قلبُه لأنه وصل إلى أفضاله، وآخر لأنه وصل إلى لطف جماله، وثابث لأنه خُصَّ بكشف جلاله- قد عَلِمَ كلُّ أناسٍ مَشْرَبَهم.
ويقال: {تَتَوَفَّاهُمُ المَلاَئِكَةُ} طيبة نفوسهم أي طاهرةٌ من التدنُّس بالمخالفات، وطاهرةً قلوبهُم عن العلاقات، وأسرارهم عن الالتفات إلى شيء من المخلوقات.
قوله تعالى: {سَلاَمٌ عَلَيّكُمُ} إِحْظَوْا بالجنة، منهم مَنْ يخاطبه بذلك المَلَكَ، ومنهم مَنْ يُكَاشِفه بذلك المَلِكُ.

6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13